كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج



(أَنْ يَكُونَ عَدْلًا فَإِنْ دُعِيَ ذُو فِسْقٍ مُجْمَعٍ عَلَيْهِ) ظَاهِرٍ أَوْ خَفِيٍّ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْأَدَاءُ؛ لِأَنَّهُ عَبَثٌ بَلْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ وَإِنْ خَفِيَ فِسْقُهُ؛ لِأَنَّهُ يَحْمِلُ الْحَاكِمَ عَلَى حُكْمٍ بَاطِلٍ لَكِنْ مَرَّ عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَوَائِلَ الْبَابِ وَتَبِعَهُ جَمْعٌ جَوَازُهُ وَهُوَ مُتَّجَهٌ إنْ انْحَصَرَ خَلَاصُ الْحَقِّ فِيهِ ثُمَّ رَأَيْت بَعْضَهُمْ صَرَّحَ بِهِ وَالْمَاوَرْدِيُّ ذَكَرَ مَا يُوَافِقُ ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ فِي الْخَفِيِّ؛ لِأَنَّ فِي قَبُولِهِ خِلَافًا (قِيلَ أَوْ مُخْتَلَفٍ فِيهِ) كَشُرْبِ مَا لَا يُسْكِرُ مِنْ النَّبِيذِ (لَمْ يَجِبْ) الْأَدَاءُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ يُعَرِّضُ نَفْسَهُ لِرَدِّ الْقَاضِي لَهُ بِمَا يَعْتَقِدُهُ الشَّاهِدُ غَيْرَ قَادِحٍ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ وَإِنْ اعْتَقَدَ هُوَ أَنَّهُ مُفَسَّقٌ؛ لِأَنَّ الْحَاكِمَ قَدْ يَقْبَلُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي مُجْتَهِدٍ أَمَّا غَيْرُهُ الْمُعْتَقِدُ لِفِسْقِهِ الْمُمْتَنِعُ عَلَيْهِ تَقْلِيدُ غَيْرِ إمَامِهِ بِنَحْوِ شَرْطٍ أَوْ عَادَةٍ مِنْ مُوَلِّيهِ فَيَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْأَدَاءُ عِنْدَهُ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ كَالْمُجْمَعِ عَلَيْهِ وَلَا يَلْزَمُ الْعَدْلَ الْأَدَاءُ مَعَ فَاسِقٍ مُجْمَعٍ عَلَيْهِ إلَّا إذَا كَانَ الْحَقُّ يَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ (وَ) ثَالِثُهَا أَنْ يُدْعَى لِمَا يَعْتَقِدُهُ عَلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ فِي الرَّوْضَةِ لَكِنَّ الْأَوْجَهَ مُقَابِلُهُ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلشَّاهِدِ أَنْ يَشْهَدَ بِمَا يَعْتَقِدُهُ الْحَاكِمُ دُونَهُ كَشُفْعَةِ الْجِوَارِ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِعَقِيدَةِ الْحَاكِمِ لَا غَيْرُ وَلِذَا جَازَ لِلشَّافِعِيِّ طَلَبُهَا وَالْأَخْذُ بِهَا عِنْدَ الْحَنَفِيِّ لِمَا مَرَّ مِنْ نُفُوذِ الْحُكْمِ بِهَا وَبِغَيْرِهَا ظَاهِرًا أَوْ بَاطِنًا فَلَأَنْ يَجُوزَ لِلشَّاهِدِ تَحَمُّلُ ذَلِكَ وَأَدَاؤُهُ بِالْأَوْلَى فَإِنْ قُلْتَ إنَّمَا يَظْهَرُ ذَلِكَ إنْ تَحَمَّلَهُ اتِّفَاقًا لَا قَصْدًا إذْ كَيْفَ يَقْصِدُ تَحَمُّلَ مَا يَعْتَقِدُ فَسَادَهُ قُلْتُ قَدْ تَقَرَّرَ أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ هُنَا بِاعْتِقَادِهِ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَجُزْ لَهُ الْإِنْكَارُ عَلَى مُتَعَاطِي غَيْرِ اعْتِقَادِهِ فَجَازَ لَهُ حُضُورُهُ إلَّا نَحْوَ شُرْبِ النَّبِيذِ مِمَّا ضَعُفَتْ شُبْهَتُهُ فِيهِ كَمَا مَرَّ فِي الْوَلِيمَةِ.
نَعَمْ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ بِصِحَّةِ أَوْ اسْتِحْقَاقِ مَا يَعْتَقِدُ فَسَادَهُ وَلَا إنْ بِتَسَبُّبٍ فِي وُقُوعِهِ إلَّا إنْ قَلَّدَ الْقَائِلَ بِذَلِكَ.
وَرَابِعُهَا (أَنْ لَا يَكُونَ مَعْذُورًا بِمَرَضٍ وَنَحْوِهِ) مِنْ كُلِّ عُذْرٍ يُرَخِّصُ فِي تَرْكِ الْجُمُعَةِ مِمَّا مَرَّ وَنَحْوِهِ نَعَمْ إنَّمَا تُعْذَرُ امْرَأَةٌ مُخَدَّرَةٌ دُونَ غَيْرِهَا كَمَا مَرَّ وَمَرَّ فِي كَوْنِ نَفْيِ الْوَلَدِ عَلَى الْفَوْرِ مَا لَهُ تَعَلُّقٌ بِمَا هُنَا (فَإِنْ كَانَ) مَعْذُورًا بِذَلِكَ (أَشْهَدَ عَلَى شَهَادَتِهِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ ظَاهِرُهُ لُزُومُ الْإِشْهَادِ لَكِنْ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ أَنَّ الْوَاجِبَ الْأَدَاءُ لَا الْإِشْهَادُ عَلَى شَهَادَتِهِ ثُمَّ اخْتَارَ تَفْصِيلًا وَقَالَ شَيْخُهُ الصَّيْمَرِيُّ: لَا بَأْسَ بِالْإِشْهَادِ وَفِي الْمُرْشِدِ لَا يَجِبُ إلَّا أَنْ يَخَافَ ضَيَاعَ الْحَقِّ الْمَشْهُودِ بِهِ. اهـ. مُلَخَّصًا وَقَوْلُهُ ظَاهِرُهُ لُزُومُ الْإِشْهَادِ عَلَيْهِ عَجِيبٌ مَعَ قَوْلِ الْمَتْنِ أَوْ بَعَثَ وَاَلَّذِي يَتَّجِهُ مِنْ الْخِلَافِ الَّذِي ذَكَرَهُ مَا فِي الْمُرْشِدِ لَكِنْ إنْ نَزَلَ بِهِ مَا يُخَافُ مَوْتُهُ مِنْهُ نَظِيرَ مَا مَرَّ فِي الْإِيصَاءِ الْوَدِيعَةِ (أَوْ بَعَثَ الْقَاضِي مَنْ يَسْمَعُهَا) دَفْعًا لِلْمَشَقَّةِ عَنْهُ وَأَفْهَمَ اقْتِصَارُهُ عَلَى هَذِهِ الثَّلَاثَةِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ زِيَادَةٌ عَلَيْهَا فَيَلْزَمُهُ الْأَدَاءُ عِنْدَ نَحْوِ أَمِيرٍ وَقَاضٍ فَاسِقٍ لَمْ تَصِحَّ تَوْلِيَتُهُ إنْ تَوَقَّفَ خَلَاصُ الْحَقِّ عَلَيْهِ وَيَأْتِي أَوَّلَ الدَّعَاوَى أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ هُنَا لِدَعْوَى؛ لِأَنَّ هَذَا إنَّمَا جَازَ لِضَرُورَةِ تَوَقُّفِ خَلَاصِ الْحَقِّ عَلَى الْأَدَاءِ عِنْدَهُ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ إعْلَامِ قَادِرٍ بِمَعْصِيَةٍ لِيُزِيلَهَا وَبِهَذَا اتَّضَحَ مَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي نَحْوِ الْأَمِيرِ بَيْنَ الْجَائِرِ وَغَيْرِهِ وَلَا بَيْنَ مَنْ فَوَّضَ الْإِمَامُ إلَيْهِ الْحُكْمَ أَوْ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَمَنْ لَمْ يُفَوِّضْ لَهُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ وَيُؤَيِّدُهُ مَا تَقَرَّرَ فِي قَاضٍ فَاسِقٍ لَمْ تَصِحَّ تَوْلِيَتُهُ وَظَاهِرٌ أَنَّ فِي مَعْنَى تَوَقُّفِ خَلَاصِ الْحَقِّ عَلَيْهِ مَا لَوْ كَانَ الْمُتَوَلِّي يُخْلِصُ أَيْضًا لَكِنْ بِرِشْوَةٍ لَهُ أَوْ لِبَعْضِ أَتْبَاعِهِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ فِي حُكْمِ الْعَدَمِ وَعِنْدَ قَاضٍ مُتَعَنِّتٍ أَوْ جَائِرٍ أَيْ: مَا لَمْ يَخْشَ مِنْهُ عَلَى نَفْسِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ.
وَلَوْ قَالَ: لِي عِنْدَ فُلَانٍ شَهَادَةٌ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ مِنْ أَدَائِهَا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ لَمْ يُجِبْهُ لِاعْتِرَافِهِ بِفِسْقِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَقُلْ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ لِاحْتِمَالِهِ وَيَتَعَيَّنُ عَلَى الْمُؤَدِّي لَفْظُ أَشْهَدُ فَلَا يَكْفِي مُرَادِفُهُ كَأَعْلَمُ؛ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي الظُّهُورِ وَمَرَّ أَوَائِلَ الْبَابِ حُكْمُ إتْيَانِ الشَّاهِدِ بِمُرَادِفِ مَا سَمِعَهُ وَلَوْ عَرَفَ الشَّاهِدُ السَّبَبَ كَالْإِقْرَارِ فَهَلْ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ بِالِاسْتِحْقَاقِ أَوْ الْمِلْكِ وَجْهَانِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ قَالَ ابْنُ أَبِي الدَّمِ أَشْهَرُهُمَا لَا وَهُوَ ظَاهِرُ نَصِّ الْأُمِّ وَالْمُخْتَصَرِ وَإِنْ كَانَ فَقِيهًا مُوَافِقًا؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَظُنُّ مَا لَيْسَ بِسَبَبٍ سَبَبًا وَلِأَنَّ وَظِيفَتَهُ نَقْلُ مَا سَمِعَهُ أَوْ رَآهُ ثُمَّ يَنْظُرُ الْحَاكِمُ فِيهِ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ حُكْمَهُ لَا تَرْتِيبَ الْأَحْكَامِ عَلَى أَسْبَابِهَا وَقَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ كَغَيْرِهِ بَعْدَ اطِّلَاعِهِ عَلَى النَّصِّ تُسْمَعُ وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ وَلَك أَنْ تَجْمَعَ بِحَمْلِ الْأَوَّلِ عَلَى مَنْ لَا يُوثَقُ بِعِلْمِهِ وَالثَّانِي عَلَى مَنْ يُوثَقُ بِعِلْمِهِ لَكِنَّ قَوْلَهُمْ يُنْدَبُ لِلْقَاضِي أَنْ يَسْأَلَ الشَّاهِدَ عَنْ جِهَةِ الْحَقِّ إذَا لَمْ يَثِقْ بِكَمَالِ عَقْلِهِ وَشِدَّةِ حِفْظِهِ يَقْتَضِي بَلْ يُصَرِّحُ بِقَبُولِ شَهَادَةِ غَيْرِ الْمَوْثُوقِ بِهِ مَعَ إطْلَاقِ الِاسْتِحْقَاقِ فَيَتَأَيَّدُ بِهِ كَلَامُ ابْنِ الصَّبَّاغِ وَغَيْرِهِ وَمِمَّا يُصَرِّحُ بِهِ أَيْضًا قَوْلُ الْقَاضِي فِي فَتَاوِيهِ لَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِأَنَّ هَذَا غَيْرُ كُفْءٍ لِهَذِهِ لَمْ تُقْبَلْ؛ لِأَنَّهَا شَهَادَةُ نَفْيٍ فَالطَّرِيقُ أَنْ يَشْهَدُوا بِأَنَّهَا حَرَامٌ عَلَيْهِ إنْ وَقَعَ الْعَقْدُ. اهـ.
فَتَأَمَّلْ إطْلَاقَهُ قَبُولَ قَوْلِهِمَا حَرَامٌ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ السَّبَبِ لَكِنْ يَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ عَلَى فَقِيهَيْنِ مُتَيَقِّظَيْنِ مُوَافِقَيْنِ لِمَذْهَبِ الْحَاكِمِ بِحَيْثُ لَا يَتَطَرَّقُ إلَيْهِمَا تُهْمَةٌ وَلَا جَزْمٌ بِحُكْمٍ فِيهِ خِلَافٌ فِي التَّرْجِيحِ وَكَذَا يُقَالُ فِي كُلِّ مَا قُلْنَا فِيهِ بِقَبُولِ الْإِطْلَاقِ.
وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الْمَتْنِ الْآتِي فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ وَوَثِقَ الْقَاضِي بِعِلْمِهِ فَلَا بَأْسَ وَلَوْ شَهِدَ وَاحِدٌ شَهَادَةً صَحِيحَةً فَقَالَ الْآخَرُ أَشْهَدُ بِمَا أَوْ بِمِثْلِ مَا شَهِدَ بِهِ لَمْ يَكْفِ حَتَّى يَقُولَ بِمِثْلِ مَا قَالَهُ وَيَسْتَوْفِيَهَا لَفْظًا كَالْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ أَدَاءً لَا حِكَايَةٍ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ وَاعْتَمَدَهُ ابْنُ أَبِي الدَّمِ وَابْنُ الرِّفْعَةِ لَكِنْ اعْتَرَضَهُ الْحُسْبَانِيُّ بِأَنَّ عَمَلَ مَنْ أَدْرَكَهُمْ مِنْ الْعُلَمَاءِ عَلَى خِلَافِهِ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ مَنْ بَعْدَهُ وَالْعَمَلُ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ.
قَالَ جَمْعٌ: وَلَا يَكْفِي أَشْهَدُ بِمَا وَضَعْتُ بِهِ خَطِّي وَلَا بِمَضْمُونِهِ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا فِيهِ إجْمَالٌ وَإِبْهَامٌ وَلَوْ مِنْ عَالِمٍ وَيُوَافِقُهُ قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَاعْتَمَدَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ وَلَا يَكْفِي قَوْلُ الْقَاضِي اشْهَدُوا عَلَيَّ بِمَا وَضَعْتُ بِهِ خَطِّي لَكِنْ فِي فَتَاوَى الْبَغَوِيّ مَا يَقْتَضِي أَنَّهُ يَكْفِي بِمَا تَضَمَّنَهُ خَطِّي إذَا عَرَفَ الشَّاهِدُ وَالْقَاضِي مَا تَضَمَّنَهُ الْكِتَابُ وَيُقَاسُ بِهِ بِمَا وَضَعْتُهُ بِهِ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ إنْ عَمَلَ كَثِيرُونَ عَلَى الِاكْتِفَاءِ بِذَلِكَ فِي الْكُلِّ وَلَا نَعَمْ لِمَنْ قَالَ لَهُ نَشْهَدُ عَلَيْك بِمَا نُسِبَ إلَيْك فِي هَذَا الْكِتَابِ إلَّا إنْ قِيلَ ذَلِكَ لَهُ بَعْدَ قِرَاءَتِهِ عَلَيْهِ وَهُوَ يَسْمَعُهُ وَكَذَا الْمُقِرُّ نَعَمْ إنْ قَالَ أَعْلَمُ مَا فِيهِ وَأَنَا مُقِرٌّ بِهِ كَفَى وَلَوْ قَالَ اشْهَدُوا أَوْ اُكْتُبُوا أَنَّ لَهُ عَلَيَّ كَذَا لَمْ يَشْهَدُوا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ إقْرَارًا كَمَا مَرَّ بِمَا فِيهِ أَوَائِلَ الْإِقْرَارِ وَإِنَّمَا هُوَ مُجَرَّدُ أَمْرٍ بِخِلَافِ اشْهَدُوا لَهُ عَلَيَّ أَنِّي بِعْتُ أَوْ أَوْصَيْتُ مَثَلًا عَلَى مَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ فِي إسْنَادِهِ إنْشَاءَ الْعَقْدِ الْمُوجِبِ لِنَفْسِهِ صَرِيحًا فَصَحَّ الْإِشْهَادُ بِهِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ وَلَا يَجُوزُ لِمَنْ سَمِعَ نَحْوَ إقْرَارٍ أَوْ بَيْعٍ أَنْ يَشْهَدَ بِمَا يَعْلَمُ خِلَافَهُ وَأَفْتَى ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِجَوَازِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْمَكْسِ أَيْ: مِنْ غَيْرِ أَخْذِ شَيْءٍ مِنْهُ إذَا قَصَدَ ضَبْطَ الْحُقُوقِ لِتُرَدَّ لِأَرْبَابِهَا إنْ وَقَعَ عَدْلٌ.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ: بَلْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ وَإِنْ خَفِيَ فِسْقُهُ؛ لِأَنَّهُ يَحْمِلُ الْحَاكِمَ عَلَى حُكْمٍ بَاطِلٍ لَكِنْ مَرَّ عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَفِي تَحْرِيمِ الْأَدَاءِ مَعَ الْفِسْقِ الْخَفِيِّ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ شَهَادَةٌ بِحَقٍّ إلَى أَنْ قَالَ عَنْهُ بَلْ يَتَّجِهُ الْوُجُوبُ إذَا كَانَ فِي الْأَدَاءِ إنْقَاذُ نَفْسٍ أَوْ عُضْوٍ أَوْ بُضْعٍ قَالَ وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ مُتَّجَهٌ إنْ انْحَصَرَ خَلَاصُ الْحَقِّ فِيهِ) وَبِذَلِكَ أَفْتَى شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ ش م ر.
(قَوْلُهُ: نَعَمْ لَا يَجُوزُ أَنْ يَشْهَدَ بِصِحَّةٍ أَوْ اسْتِحْقَاقٍ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَشْهَدُ بِاسْتِحْقَاقِ شُفْعَةِ الْجِوَارِ بَلْ بِالْبَيْعِ وَالْجِوَارِ.
(قَوْلُهُ: وَلَا أَنْ يَتَسَبَّبَ) يَنْبَغِي إلَّا التَّسَبُّبَ فِي حُكْمٍ يَنْفُذُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا لِمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَلِذَا إلَخْ.
(قَوْلُهُ: مِنْ كُلِّ عُذْرٍ يُرَخِّصُ فِي تَرْكِ الْجُمُعَةِ إلَخْ) يَدْخُلُ فِيهِ أَكْلُ ذِي رِيحٍ كَرِيهٍ وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِيهِ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: نَعَمْ إنَّمَا تُعْذَرُ امْرَأَةٌ مُخَدَّرَةٌ دُونَ غَيْرِهَا) قَالَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ وَغَيْرُ الْمُخَدَّرَةِ عَلَيْهَا الْحُضُورُ وَعَلَى زَوْجِهَا الْإِذْنُ لَهَا. اهـ. وَقَوْلُهُ: ظَاهِرُهُ لُزُومُ الْإِشْهَادِ عَلَيْهِ عَجِيبٌ إلَخْ.
قَدْ يُقَالُ لَيْسَ بِعَجِيبٍ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ عَلَى تَقْدِيرِ عَدَمِ الْبَعْثِ الَّذِي لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ فَهَلْ الْوَاجِبُ حِينَئِذٍ الْإِشْهَادُ أَوْ الْأَدَاءُ وَقَدْ يُقَالُ الْمُتَّجِهُ أَنَّ الْوَاجِبَ حِينَئِذٍ أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ.
(قَوْلُهُ: وَيَأْتِي أَوَّلَ الدَّعَاوَى أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ هُنَا لِدَعْوَى إلَخْ) يَنْبَغِي عَلَى قِيَاسِ ذَلِكَ أَنْ لَا يَحْتَاجَ الشَّاهِدُ لِلَفْظِ أَشْهَدُ.
(قَوْلُهُ: وَقَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ كَغَيْرِهِ بَعْدَ اطِّلَاعِهِ عَلَى النَّصِّ تُسْمَعُ) وَهُوَ الْأَوْجَهُ ش م ر.
(قَوْلُهُ: وَاعْتَمَدَهُ ابْنُ أَبِي الدَّمِ وَابْنُ الرِّفْعَةِ) وَقَدْ عَمَّتْ الْبَلْوَى بِخِلَافِهِ بِجَهْلِ أَكْثَرِ الْحُكَّامِ ش م ر.
(قَوْلُهُ: فَأَقَلَّ) إلَى الْمَتْنِ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ لَكِنْ اسْتَثْنَى إلَى وَخَرَجَ وَإِلَى قَوْلِهِ وَثَالِثُهَا فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ إلَى اسْتَثْنَى وَمَا أُنَبِّهُ عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: وَمَا مَرَّ بَيَانُهَا) أَيْ: بِأَنَّهَا الَّتِي يَتَمَكَّنُ الْمُبَكِّرُ إلَيْهَا مِنْ الرُّجُوعِ إلَى أَهْلِهِ فِي يَوْمِهِ مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: مَعَ إمْكَانِ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ) أَيْ: مَعَ إمْكَانِ الْإِثْبَاتِ بِالشَّهَادَةِ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: أَوْ أُحْضِرَ لَهُ مَرْكُوبٌ إلَخْ) يُتَأَمَّلُ الْمُرَادُ بِهِ سَيِّدُ عُمَرُ أَقُولُ الْمُرَادُ أَنَّهُ إنْ تَيَسَّرَ لَهُ الْمَرْكُوبُ وَلَوْ بِأَنْ يُحْضِرَهُ الْمَشْهُودُ لَهُ لَكِنْ كَانَ يَسْتَنْكِرُ النَّاسُ الرُّكُوبَ فِي حَقِّهِ لِعَدَمِ اعْتِيَادِ الرُّكُوبِ فِي حَقِّ مِثْلِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ لَا تَرَدُّدَ فِيهِ وَإِنَّمَا التَّرَدُّدُ فِي أَنَّهُ هَلْ يُعْذَرُ بِذَلِكَ كَعَدَمِ اعْتِيَادِ الْمَشْيِ أَمْ لَا وَصَرِيحُ كَلَامِ الشَّارِحِ كَالنِّهَايَةِ الْأَوَّلُ.
(قَوْلُ الْمَتْنِ وَقِيلَ دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ) وَهَذَا مَزِيدٌ عَلَى الْأَوَّلِ بِمَا بَيْنَ الْمَسَافَتَيْنِ مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: لَكِنْ بَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ) عَقَّبَ الْمُغْنِي هَذَا الْبَحْثَ بِمَا نَصُّهُ قَالَ شَيْخُنَا: وَمَا قَالَهُ ظَاهِرٌ فِي الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ دُونَ غَيْرِهِ انْتَهَى.
وَلَعَلَّهُ أَخَذَ ذَلِكَ مِنْ قِصَّةِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَلَا دَلِيلَ فِيهِ إذْ لَيْسَ فِيهِ أَنَّ عُمَرَ أَجْبَرَهُمْ عَلَى الْحُضُورِ فَالْمُعْتَمَدُ إطْلَاقُ الْأَصْحَابِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: مُسْتَدِلًّا بِفِعْلِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ) وَقَدْ اسْتَحْضَرَ الشُّهُودَ مِنْ الْكُوفَةِ إلَى الْمَدِينَةِ وَرُوِيَ مِنْ الشَّامِ أَيْضًا أَسْنَى وَمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: إنَّمَا يَتِمُّ فِي الْإِمَامِ إلَخْ) خِلَافًا لِلْمُغْنِي كَمَا مَرَّ آنِفًا.
(قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا) أَيْ: الْإِمَامِ وَالْحَاكِمِ ظَاهِرٌ أَيْ: وَهُوَ شِدَّةُ الِاخْتِلَالِ بِمُخَالَفَةِ الْإِمَامِ دُونَ غَيْرِهِ ع ش.
(قَوْلُ الْمَتْنِ ذُو فِسْقٍ إلَخْ) أَيْ: كَشَارِبِ الْخَمْرِ مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ خَفِيَ فِسْقُهُ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَفِي تَحْرِيمِ الْأَدَاءِ مَعَ الْفِسْقِ الْخَفِيِّ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ شَهَادَةٌ بِحَقٍّ وَإِعَانَةٌ عَلَيْهِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَلَا إثْمَ عَلَى الْقَاضِي إذَا لَمْ يُقَصِّرْ بَلْ يَتَّجِهُ وُجُوبُ الْأَدَاءِ إذَا كَانَ فِيهِ إنْقَاذُ نَفْسٍ أَوْ عُضْوٍ أَوْ بُضْعٍ قَالَ: وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ أَسْنَى وَمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: لَكِنْ مَرَّ عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ إلَخْ) بَلْ مَرَّ اسْتِيجَاهُ وُجُوبِهِ بِالْقَيْدِ الْمَذْكُورِ رَشِيدِيٌّ.